عدد المساهمات : 213 تاريخ التسجيل : 20/09/2011 العمر : 36 الموقع : البصره
موضوع: فتح الشهية ... يمر بالألوان والروائح الثلاثاء أكتوبر 11, 2011 2:43 am
هناك ما يُعرف في الطب بإسم " أنوروكسيا "، وهو عدم الإقبال على الطعام بطريقة مُرضية، تطول مدتها أو تقصر، وغالباً ما يكون وراءها أسباب معلنة كالإكتئاب أو الانطواء والبعد عن أي مظاهر إنسانية ..الطعام منها .. عقاقير، وجلسات نفسية ينجح إلى حد كبير ورائع وقطعي في علاج هذا العرض... ولكن.. هناك علاجات تحت أيدينا مباشرةً – نحن الطهاة – قد تعلمنا مبادئها منذ نعومة أظافرنا وقت الدراسة والبحث والمعرفة، وهي علاجات أقرها بالاتفاق كل المتخصصين أيضاً في علم التغذية الحديث. وهي أن نلعب على بعض الاحتمالات التي تحفز مراكز الجوع في الدماغ، من أهمها رائحة الطعام بعد طهيه أو رائحته الطبيعية قبل استخدامه في الطهي.. الألوان الجمالية للعديد من الأطعمة والفواكه هي بمثابة فاتح شهية طبيعي يحفز الإنسان على تناولها حتى من باب الفضول. جماليات التقديم لها دورغيربسيط في علاج فقدان شهية المرضى، وهو فن يدرس في أكاديميات الطهي على امتداد العالم. هناك مثل بريطاني طريف يقول: " ناثينج تشيرز لايك إيه تشيري " nothing cheers like a cherry وهو يترجم بأن حبة كرز قد تعيد لك فرحتك، وهذا بالفعل صحيح فالكرز بكل أنواعه وألوانه سواء أن يستخدم بدون طهي أو مطهواً فهو جميل ولذيذ وله عبق وأريج يجذبان أي شهية لأن تنفتح وتلتهم حياته التي تعكس إعجازاً في الخلق ... سبحان الله في خلقه. • وللكرز بصفة خاصة استخدامات متعددة رائعة المذاق تجمع بين جماليات الشكل والرائحة الذكية، فهي من بطلات تجميل "التارت"، ومن عشاق التزلج على الأيس كريم الفانيللا فيدخل كل منهما في حواربالمذاق والشكل هو في صالح الانسان. أيضاً للكرز حضور في السَلطات العربية مثل الطحينة وبابا غنوج فحوار حباته الحمراء مع لون السلطات العاجي له جذب رائع فما على الإنسان إلاّ وأن يبدأ في التهام كل ما يقدم له. وحتى تنفتح الشهية " المغلقة " على اللحوم، فما أجمل مذاق الكرز الأحمر عندما يوضع حول فخذة الضأن في فرن حار، تتسرب منه عبق دهون اللحم وحبات الكرز التي تخضع بكل الحب في مصاحبة اللحم اللذيذ، أو يُجمل بحبات الرمان والخضروات أثناء عملية الشواء، مثل الباذنجان المشوي الذي تفوح منه رائحة زيت الزيتون والريحان، وعند تقديمه تتنافس حبات الرمان مع صلصة الزبادي" اللبن " ولون البقدونس المفروم خشناً، مكونة لوحة نباتية تداعب أمعاء النباتيين، وتخرجهم من حالة فقدان الشهية. • الخس بكل أنواعه وأشكاله، يجذب خصوم السلطة إليها بمعاهدة صلح طبيعية، عندما يتعانق الخس الأحمر الملس مع الأخضر بكل تدرجاته، ويخرج الخس الباهت من مكانه ليجد له مكاناً وسط طبق نجح في اجتذاب الجميع، فوق سطحه تتدحرج حبات الطماطم الصغيرة المعروفة بإسم " تشيري توماتو " و " تيرز توماتو "، تتحدى رفيقاتها من حبات الطماطم الأكبرحجماً، لأن الصغير منها قوي المذاق لامع الشكل ناعم الملمس، يتراقص بخفة ودلع فوق أوراق الخس المُرحبة به. • للمشروبات أيضاً سحر خاص في جذب كل من فقد الشهية في مشوار حياته، فرائحة اللبن البرازيلي مع الحليب وذرات القرفة، تنادي لكل صاحب مزاج عالِ أن يأخذ رشفة منها، والسحلب التركي مع المكسرات المحمصة تقول لكل من غابت شهيته " إرجعي بسلام وأمان " . • شطائر الجبن السايح مع شاي بنعناع مقطوف لتوه علاج لفقدان الشهية خاصةً في وقت الصباح، وهو وقت تكون للهرمونات سيطرة كاملة على مزاجيات الإنسان، ولكن لرائحة الجبن سيطرة من يفوز ويضحك " في الآخر ". • خليط التوابل معاً.. رائحة الشرق كله ، تنادي من بعيد " إني هنا .. لأفتح كل الشهيات المغلقة ". • السيرعلى الزراعية ورائحة الذرة المشوية، والشاي الأسود المغلي على الحطب تحت الجميزة، والجلوس على شاطئ المتوسط ورائحة الملح، والتين الأخضرتستفزالأنف، جميعها فواتح للشهية تخرج من أرض خصبة لأعماق بحار تعدنا بلحم أبيض لذيذ وحقول الفواكه تلوح من بعيد، ومطبخ يلبي " أوامر" الأسرة، تقف فيه ست الحبايب تتمتم " بإسم الله " نبدأ الطبخ... تنفتح الشهية وتلتف الأسرة... ووداع للعقاقير والأمراض.