قالَ لَهُ الطبيبُ وقد بَدا وجهُهُ مُتَجَهِماَ :
لاَ فُرصَةَ لَكَ فِي الحياةِ وَسَتَمُوتُ قَرِيباً ؛ فَعِلاجُكَ مَيؤُسٌ منه .
ثُم بَعدَ ذَلِك تَرَكَهُ ، ووقعُ أقدَامِهِ على صدرِهِ كالجَبَل .
فَعَملُهُ كطبيب انتهى عِندَ هذا الحد .
نَزَلَ عليهِ الخبَرُ كالصَاعِقَة ، لا َيعلَم هل يُغَالِب الألَمَ أم هَولَ الخبَر؟
بَدَتْ نَبَضَاتُ قَلبِهِ وَاهِنَة ، ولَونُ وَجْهِهِ يَمِيلُ إلى الشُحُوب .
عَينَاهُ الغََارِِقََتَانِ المَلِيئَتَانِ بالدَمعِ تَحكِي مَأسَاتَه .
هَلْ حقاً لَنْ أعِيشَ بَعدَ اليوم ؟
أنْفَاسُهُ تَكَادُ تَخرُجُ بِصُعُوبَة ، وَحَشرَجَةُ صَدرِهِ أصْبَحَتْ مَسْمُوعَة .
سُعَالٌ مُتَقطِعٌ ، ونَوْبَاتُ تَشَنُجٍ آذَنَتْ لَيلَهُ بِالخُطُورَة .
هَذَا هُوَ المَرَضُ بَدا يَفْتَرِسُ جَسَدَهُ بِسُهُولَة ، وَهُوَ مُسْتَسلِمٌ قَدْ أبْدَأَ خُضُوعَه .
رُحْمَاكْ يَارَبَاه بِجَسَدٍ لا قَى مِنْ هَولِ الأَسْقَامِ حُتُوفَه .
بَدَتْ يَدَاهُ تَرتَعِشَان ، وَزُرْقَة لاَزَمَتْ شَفَتَاه ، فِي لَحظَةِ ضَعْفٍ سَكَنَتْ جَوَرِحَهُ ، واصطَبَغَ بِهَا مُحَيَاه .
إلا مِنْ قَوْلِ يَا آالله ، وَدَعْوَةٌ نَطَقَ بِهَا لِسَانَه إِذ لَمْ يَعُدْ فِي الجِسْمِ حِرَاك .
دَقَائِقٌ بَلْ ثَوَانٍ مَعْدُودَة فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَمَاء ، واستَجَابَ دُعَاءَهُ مَولاَه .
وَرَجَعَ يَمْشِي عَلَى رِجلَيهِ يَتَنَفَسُ الهَوَاءَ مِنْ جَدِيد .
مُوقِناً أن الله لا يُعجِِزُهُ شيءٌ فِي الأرضِ ولاَ في السمَاء .